28 - 08 - 2025

ضوء | وما أدراك ما الفساد؟

ضوء | وما أدراك ما الفساد؟

يقولون بأن الفساد يأتي من الأعلى إلى الأسفل، أي من القمة إلى القاعدة، أما الإصلاح فيأتي من الأسفل إلى الأعلى، وفي بلادنا العربية ربما كلاهما يأتي من الأعلى.

والفساد أنواع، فهناك الفساد المالي والإداري، وكلاهما يصنفان ضمن الفساد الاقتصادي، والفساد الاجتماعي، والسياسي، والفكري، والثقافي، والأخلاقي. وهناك فساد القلب، والعقل، والنفس، وفساد القلب يعني خلوّه من الإيمان، وعدم خوف صاحبه من الله، وفساد العقل يعني عدم فهم الأمور بشكل سليم، وعدم وضعها في نصابها الصحيح، أما فساد النفس فهو  يكمن في غياب الضمير، واستعداد المرء أن يبيع أي شيء من أجل المال والمصالح الشخصية.

ومن وجهة نظري، فإن الفساد حينما يرتع ويمرح في البلاد، فهذا يعني غياب المحاسبة والعقاب، وبلا شك تقع المسؤولية على العديد من الجهات والأفراد.

وبشكل عام فإن:

- فساد الرعية في النفاق.

- وفساد الحكام في الظلم، وعقاب الظالم عند الله أشد عذابًا من الكافر.

- وفساد العلماء - سواء علماء الفكر أو الدين - في المال.

وفساد الأرض يكون من:

١- حاكم ظالم مستبد لا يخاف الله، يبيع الأرض، ويقرّب الغريب ويبعد القريب.

٢- وعالم دين يتظاهر بالحياء والعفة وهو على نقيض ذلك.

٣- ورعية منافقة جبانة.

٤- وقضاة يفضلون المال على الحق.

٥- ومشرّعون، من (السلطة التشريعية)، يفضلون الجاه على مصلحة الوطن.

٦- ومنفذّون في الحكومة، من (السلطة التنفيذية)، يفضلون النفوذ على مصلحة الرعية.

٧- وبعض من العمال، والموظفين، معلمون، وأطباء ومهندسون، ومحامون ومستشارون، ومصرفيون، وشرطة، ومتخصصون، وعاملون في كل مجال، فاسدون، ممن يعملون بلا ضمير،  ولا يخافون الله في عملهم، وغير مخلصين للبلاد والعباد.

فإذا كان الفساد يرتع في أعلى الهرم، فقل على البلاد السلام، لأنه آنذاك لا رادع له بالقانون، فلا يمكن أن يسنّ الحاكم قانوناً يجرّم نفسه.

وأجهزة الرقابة والمحاسبة مفيدة نسبيًا، لكن من المستحيل أن يضع الحاكم الظالم أجهزة رقابة على نفسه.

لذلك يكون الخلاص في وجود رعية غير منافقة وغير جبانة، تجهر بالحق وتطالب به ولا تخاف لومة لائم.

وليس لنا إلا الدعاء، فاللهم أبعد الظالمين والفاسدين والمفسدين عن بلادنا وعن بلاد العرب والمسلمين أجمعين، وأكثّر من الحكام الصالحين، أمثال الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، في بلاد العرب والمسلمين، اللهم آمين.
----------------------------------
بقلم: د. أنيسة فخرو
سفيرة السلام والنوايا الحسنة
المنظمة الأوروبية للتنمية والسلام

مقالات اخرى للكاتب

ضوء | وما أدراك ما الفساد؟